ولاية أريانة: الأزمة الاتصالية تحرم ذوي الإعاقة السمعية من الاستفتاء
ذوي الإعاقة خلال الاستفتاء
تحمي الدولة الأشخاص ذوي الإعاقة من كل تمييز وتتخذ كل التدابير التي تضمن لهم الاندماج الكامل في المجتمع. هذا ما جاء في الفصل 54 من الدستور التونسي المقترح لسنة 2022 الباب الثاني المتعلق بالحقوق والحريات.
"كلمات بقيت حبر على ورق..... "هذا ما رددته أريج الحمدوني شابة تونسية أصيلة ولاية أريانة حاملة لإعاقة سمعية تقول أنه من المؤسف اليوم أنها لم تتابع الحملات التفسيرية للاستفتاء منذ البداية نظرا لغياب الترجمة الخاصة بلغة الإشارة. لذا وعلى حد تعبيرها فان ذوي الإعاقة السمعية اليوم حرموا من متابعة هذه الفترة الحساسة المتعلقة بالاستفتاء خاصة من الجانب الإعلامي والذي اعتبرته ضعيف جدا فيما يتعلق بإيصال المعلومة لذوي الإعاقة فقد بدا هذا المفهوم جديدا بالنسبة للبعض خاصة فئة الشباب الحامل لإعاقة والتي تحول دون فهمهم لفحوى هذا المصطلح القائم اليوم رغم أهمية النفاذ للمعلومة كحق من حقوق يتساوى فيه الجميع دون استثناء خاصة فيما يتعلق بالمساهمة في الحياة السياسية ،هذا وأضافت أريج أنها لم تتعرف عن ماهية الدستور المقترح أو الحملة التفسيرية لتوضيح عملية الاستفتاء.
ضعف الحملات التفسيرية وغياب بطاقة الإعاقة يحرم ذوي الإعاقة من حقهم في الحياة السياسية
وفق آخر إحصائيات لوزارة الشؤون الاجتماعية فان معدل الأشخاص ذوي الإعاقة في ارتفاع
ب نسبة 7 آلاف شخص سنويا، ووفق لآخر تحيين فقد تم تسجيل ارتفاع ملحوظ من 208 آلاف
في 2011 ليصل الى 422 ألف شخص ذي إعاقة لسنة 2021.
رسم بياني لعدد ذوي الإعاقة منذ سنة 2011 الى 2021
يقع احتساب هذه الأرقام عند توفر بطاقة إعاقة لدى حاملها، لذا فان الأرقام المتوفرة لا يمكن ان تعكس العدد الحقيقي لعدد لذوي الإعاقة في تونس رغم اضطلاع هذه البطاقة بأهمية كبرى خاصة للتمتع بخدمات العلاج المجانية وكذلك لتسهيل المشاركة الانتخابات والاستفتاءات ويحرم البعض من ذوي الإعاقة من الحصول على هذه البطاقة لغياب وعيهم بأهميتها هذا الى جانب الإجراءات الإدارية المعقدة.
ووفقا لما أكده المنسق الجهوي للإدارة الفرعية بأريانة رضا القيزاني أن الهيئة الفرعية للانتخابات تتحصل على قائمة المسجلين مرفقة بمعطى ذوي الإعاقة ولن يكون ذلك ممكنا الا من خلال حصوله على بطاقة الإعاقة.
آخر إحصائيات للمعهد الوطني للإحصاء لذوي الإعاقة حسب نوع الإعاقة لسنة 2014
استعدادات الهيئة الفرعية للانتخابات بأريانة للاستفتاء
سعى ذوي الإعاقة في كل مناسبة انتخابية الى كسر حاجز العجز الذي يعترضهم في العادة ليحرمهم من ممارسة حقهم الانتخابي فلم تمنعهم الإعاقة البصرية أو الجسدية من الإدلاء بأصواتهم خاصة مع غياب الممرات المخصصة لهم و كذلك أوراق البرايل في بعض مكاتب الاقتراع.
ففي فترات سابقة شارك ذوي الإعاقة بشكل كبير سواء كان في الانتخابات البلدية أو التشريعية اذ تنقلوا في كراسي متحركة واستعمل البعض العصا البيضاء لممارسة حقهم في الإدلاء بأصواتهم وهو ما أكده لنا محمد المنصوري رئيسة جمعية إبصار لذوي الإعاقة البصرية أن الانتخابات البلدية شهدت إقبالا كبيرا من ذوي الإعاقة.
وفي علاقة باستعداد الهيئة الفرعية للانتخابات بأريانة لتخصيص ما يحتاجه ذوي الإعاقة للاستفتاء فقد أكد المنسق الجهوي للإدارة الفرعية بأريانة رضا القيزاني أنه لتفادي النقائص التي لا زالت تتخلل بعض مكاتب الاقتراع فان الهيئة تقدمت بتوصيات لوزارة التربية وتم ذلك خلال اجتماع مع المندوب الجهوي للتربية لتفادي النقائص الموجودة في مكاتب الاقتراع وبالتالي فان المندوبية تتخذ على إثر ذلك العديد من الإجراءات للعمل على تحسين دورات المياه وكذلك لتخصيص ممرات لذوي الإعاقة أيضا للحرص على توفير أوراق البرايل .
كما اتصلت الهيئة بوزارة الشؤون الاجتماعية للحصول على قائمة للأشخاص ذوي الإعاقة لتوفير كل ما يستحقونه يوم الاقتراع.
أما من الناحية الاتصالية فقد صرح القيزاني ان الهيئة تمتلك موقع به خلية لمتابعة الحملات الإعلامية سواء كانت على مواقع التوصل الاجتماعية او على وسائل الإعلام.
مع اقتراب استفتاء 25 جويلية يستعد هيثم لممارسة حقه في التصويت على الدستور المقترح.
هيثم الهمامي 30 سنة، مهندس إعلامية بشركة وهو من متساكني ولاية أريانة حامل لإعاقة عضوية.
يقول هيثم أنه لم يجد صعوبة في التنقل لممارسة حقه الانتخابي خاصة بوجود أصدقائه الذين ساعدوه للتنقل الى مكتب الاقتراع بمنطقة المنيهلة أين تعود الانتخاب وقد لاحظ خلال تواجده بمكتب الاقتراع غياب الممر المخصص لذوي الإعاقة وهو ما أكدته أيضا احدى متساكنات المنطقة وهو ان العديد من المدارس الابتدائية تفتقر لهذه الممرات المخصصة لذوي الإعاقة على عكس ما أكده لنا رضا القيزاني المنسق الجهوي بالهيئة الفرعية للانتخابات بأريانة.
شعلة أمل لذوي الإعاقة البصرية
قدمت جمعية إبصار مجموعة من الفيديوهات الصوتية التفسيرية لفصول الدستور المقترح لذوي الإعاقة البصرية على صفحتها بالفايسبوك وتأتي هذه المبادرة من منطلق تطوعي من قبل رئيس الجمعية محمد المنصوري .
في نفس السياق في حديث عن الحملة الإعلامية لذوي الإعاقة السمعية فقد اعتبر المنصوري ان هناك خرق صارخ لذوي الإعاقة السمعية خاصة على مستوى الإعلام والتفسير.
ومن ناحية أخرى فقد قامت جمعية إبصار بمبادرة طيبة تقوم على تكوين 54 منسق محلي 20% منهم ذوي وذوات إعاقة وتدوم هذه الحملة على مدة 22 يوم على كامل تراب الجمهورية .
وتعمل هذه المبادرة على ترسيخ مبدأ الشفافية وكذلك للعمل على مزيد إدماج ذوي الإعاقة البصرية في الحياة السياسية وستشارك الجمعية في ملاحظة الحملة، عبر 61 ملاحظا، من بينهم 12 من حاملي الإعاقة، بالإضافة إلى مترجمين للغة الإشارة، تمّ اعتمادهم من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهم موزعون على كلّ الدوائر الانتخابية.
وتعتبر هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في تونس باعتماد مقاربة حقوق الاشخاص ذوي الإعاقة غاية التعرّف عن قرب لمدى احترام القائمين بالسياق الانتخابي والقائمين بالحملة لمواصفات النفاذ والوصول سواء للمعلومة أو للمواقع والأماكن المخصّصة للحملات، هذا الى جانب مراقبة الحملة الإعلامية.
رغم عديد المبادرات من قبل مكونات المجتمع المدني للتشريك ذوي الإعاقة في الحياة السياسية قصد تمكينهم من حقهم في الاقتراع لكن رغم ذلك لازال عزوفهم عن المشاركة قائما وذلك نظرا لغياب ما يحتاجه ذوي الإعاقة لتسهيل ممارستهم للحق الانتخابي.