Loading...
 
 
      تعددت المحطات الانتخابية في تونس حتى نصل إلى فترة ما بعد استفتاء الخامس والعشرين من جويلية 2022، مرحلة شارك فيها التونسيين للتصويت على مشروع دستور اقترحه رئيس الجمهورية قيس سعيد وكان العدد الإجمالي للمشاركين قد بلغ2,756,607 ناخبا من أصل 9,3 مليون يحق لهم
التصويت، وقد صوّت 2,607,848 بـ"نعم" على الدستور الجديد ويأتي هذا بعد تسارع الأحداث وبعد أن تم تعيين العميد الصادق بلعيد رئيساً لهيئة إعداد دستور "الجمهورية الجديدة" وتم تنقيح ذات المقترح
 
 
 
      نقاط عدة آثارها "دستور سعيد" عكست رؤيته للجمهورية الجديدة كما يحلو له الوصف، أهمها إرساء مجلس الجهات والأقاليم الذي سيعمل بالتوازي مع مجلس نواب الشعب الذي انطلق العمل به بعد 2011 ووقع تجميده  بعد 25 جويلية 2021 بمقتضى أمر رئاسي، وفق ما ينص عليه الفصل 80 من الدستور. وسيكون له عدة ادوار أهمها الرقابة والمساءلة في مختلف المسائل المتعلقة بتنفيذ الميزانية ومخططات التنمية حسب ما ورد في الفصل 85 من الدستور.

مجلس الجهات من وجهة نظر دستورية

بالرجوع إلى دستور 2022  و بالإ عتماد على الفصل 83 فإن المجلس الوطني للجهات والأقاليم يتكون أساسا من نواب منتخبين عن الجهات والأقاليم، وينتخب أعضاء كل مجلس جهوي ثلاثة أعضاء من بينهم لتمثيل جهاتهم بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم. كما ينتخب الأعضاء المنتخبين في المجلس الجهوية في كل إقليم نائبا واحدا من بينهم يمثل هذا الإقليم في المجلس الوطني للجهات والأقاليم. ويتم تعويض النائب الممثل للإقليم طبقا لما يضبطه القانون الانتخابي.

ونصّ الفصل 82 على أنه لا يمكن الجمع بين عضوية مجلس نواب الشعب وعضوية المجلس الوطني للجهات والأقاليم. ويحجر الجمع بين عضوية المجلس الوطني للجهات والأقاليم وأي نشاط بمقابل أو دونه.

في نفس الإطار كان لنا اتصال بأستاذ القانون العام الصغير الزكراوي حيث أكد لنا اهمية المرحلة الزمنية القادمة التي ستحسم مصير المشهد السياسي في انتظار إصدار القانون الانتخابي الذي سينظمه وهو ما سيحسم نظام مجلس الجهات والأقاليم التي تنضوي تحت إطار تفعيل أحكام الدستور. 


تتواتر تصريحات رئيس الجمهورية حول نجاعة مشروع مجالس الجهات والأقاليم ودورها المحوري في استرجاع حق الجهات في التنمية ويتبين لنا من خلال ما جاء في الدستور تقلص صلاحيات مجلس النواب وعدم تعارضها مع صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم في المقابل تتفق بعض الأطراف السياسية حول ضبابية المرحلة في غياب القانون الانتخابي الذي يطالب به كل مكونات المشهد السياسي ومكونات المجتمع المدني.

 إذا ما اعتبرنا أن الرزنامة التي سبق وأعلن عنها رئيس الجمهورية ستحافظ على تواريخها فنحن بالتالي إبان انتخابات تشريعية في شهر ديسمبر المقبل سينتج عنها ما يسمى بنظام الغرفتين الذي سيقسم السلطة التشريعية بين الغرفة الأولى مجلس الجهات والأقاليم والتي وصفها رئيس الجمهورية لدى جولته بشارع الحبيب بورقيبة يوم 25 جويلية المنقضي أنها '' تمكين للجهات التي أخرجوها من التاريخ وكادوا يخرجونها من الخريطة لتعود صاحبة القرار'' و الغرفة الثانية المتمثلة في مجلس نواب الشعب ولكن بثوب جديد.

تجربة نظام الغرفتين في العالم

راجت تجارب نظام الغرفتين  في العالم وتسمى بالإزدواج البرلماني وحسب دراسات تاريخية فإن أولى التجارب كانت في إنجلترا عندما ظهر "مجلس العموم" و"مجلس اللوردات".

وأسهمت عدة عوامل تاريخية في بلورة هذا النظام، إذ كان البرلمان الإنجليزي في بدايات ظهوره إطاراً لتمثيل القرى والفرسان والبرجوازية، وممثلي المدن والنبلاء واللوردات، ورجال الدين. وكانوا يجتمعون في قاعة واحدة، ما كان يحدث إرباكاً في أوساط الطبقات الدنيا، الأمر الذي دفع بهذه الأخيرة إلى عقد اجتماعاتها في قاعة منفردة، لتتطور الأمور مع مرور الوقت؛ لتأخذ شكل ازدواج برلماني ضمّ مجلس اللوردات من جهة، ومجلس العموم من جهة ثانية.

كما نذكر أيضا تجربة المغرب التي عادت إلى التسيير بنظام الغرفتين في دستور 1996 والتي تتقدم بأشواط في المجلس الجهوي  ليتم خلال الولاية التشريعية السادسة، (1997-2002) انتخاب برلمان بغرفتين ممثلتين في مجلس النواب المكون من 325 عضوا انتخبوا بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، 295 عضوا منهم انتخبوا على صعيد الدوائر الانتخابية المحلية، و30 عضوا على الصعيد الوطني، إلى جانب مجلس المستشارين الذي ضم 270 عضوا انتخبوا لمدة تسع سنوات، ثلاث أخماس المجلس انتخبتهم في كل جهة من جهات المملكة هيئة ناخبة مكونة من ممثلي الجماعات المحلية، أما الخمسان الباقيان فإنتخبتهم هيئات ناخبة من المنتخبين في الغرف المهنية وأعضاء انتخبتهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة من ممثلي المأجورين.

عودة إلى تجربة نظام الغرفتين من جديد

 وبالحديث عن تجربة نظام الغرفتين في تونس يمكننا ذكر مثال مجلس النواب ومجلس المستشارين الذي أرساه بن علي سنة 2005 بعد التعديل الدستوري في 1 جانفي 2002. ويتكون المجلس من 126 عضوا، وهو عدد قابل للتغيير كل 6 سنوات، وفي تونس لكن لا يجب أن يتجاوز ثلثي أعضاء مجلس النواب. تمتد ولاية المستشارين ل6 سنوات، ويجدد نصف الأعضاء كل 3 سنوات  ويتم انتخابهم من قبل أعضاء مجلس النواب والمستشارين البلديين.

تم حل المجلس بمقتضى مرسوم عدد 14 لسنة 2011 مؤرخ في 23 مارس 2011 الذي يتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، ثم ألغى من قبل الفصل 50 من دستور تونس 2014.

 


 مكانة الشباب في مجلس الجهات والأقاليم 

بالعودة إلى التجربة التونسية فمن المنتظر أن يكون للشباب فيها دورا هاما في فرض وجودهم بنسب مهمة ضمن مجلس الجهات والأقاليم باعتبار أن الانتخاب سيكون على مستوى جهوي من ناحية وأيضا نسبة مشاركة الشباب في آخر محطة انتخابية أو التي تلتها لم تكن هامشية وهي التي أحدثت الفرق مقارنة باستحقاقات انتخابية أخرى سابقة.

عندما نشير إلى دور الشباب في المشروع المقترح من رئاسة الجمهورية فنحن إزاء الشباب الناشط في الشأن العام والشباب الحامل للإعاقة وشباب المجتمع المدني.

عديدة هي الجمعيات والمنظمات الناشطة في المجتمع المدني والتي تسعى منذ 2011 إلى ترسيخ قيم المشاركة الفاعلة في الشأن العام والشأن المحلي ونبذ العنف والتطرف ومن ابرزها جمعية "التلاقي" التي تركزت اغلب مشاريعها على الإختلافات وقبول الاختلاف والتعايش داخل المجتمع.

 كان لنا لقاء مع رئيس الجمعية راشد بن أحمد الذي أكد بدوره عدم وضوح المسار حتى بعد 25 جويلية ومع وضع الرزنامة الانتخابية التي تفيد باقتراب موعد الانتخابات التشريعية. متسائلا عن موعد صدور القانون التشريعي معتبرا إياه بمثابة خارطة طريق حقيقية لما سنمر به في الفترة القادمة.

https://soundcloud.com/sarra-jalleli/r0lb2fcf9s7q?si=ffb5403de8724866ac0b5c9f3652cb4c&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing 


قد يكون إرساء مجلس الجهات والأقاليم الحل الأنجع لمجابهة المشاكل التي تواجهها الجهات الداخلية منذ عقود وهيكل تشريعي سيعمل بالتوازي مع مجلس النواب وهو أيضا سبيل لإدماج الشباب في ممارسة السلطة التشريعية وتمكينهم من صلاحيات مباشرة كما تعتقد ريما الماجري وهي شابة تونسية، ذات الثلاث وعشرون ربيعا، ناشطة في المجتمع المدني ومتحصلة على شهادة الإجازة الوطنية في التنشيط الثقافي. فحسب قولها مجلس الجهات والأقاليم فيها تكريس لمبدأ تواصل دور المجتمع المدني فمنذ سنين ومع اختلاف الفترات السياسية التي مرت بها تونس انتظرت تغييرا على مستوى التشريعات مما يمكن الشباب من الممارسة الفعلية لحقهم في المشاركة في صنع القرار بطريقة مختلفة عن المألوف

https://soundcloud.com/sarra-jalleli/8qokenrsk7ew?si=49ee2ed215c14886a49d1bbb5c60fd79&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing 


يسري مزاتي رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة


وبما أن الدستور التونسي جامع لكل التونسيين بجميع اختلافاتهم كان من الضروري معرفة رؤية الشباب من ذوي وذوات الإعاقة في مشروع مجلس الجهات والأقاليم لذلك كان لنا لقاء مع رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة  يسري مزاتي في مقر الجمعية وأفادنا أن ذوي الإعاقة من جهتهم سيكون لهم دور هام خاصة في ما يتعلق بالبناء القاعدي الذي ينطلق من المحلي ثم إلى الجهوي ثم إلى الوطني. فالشباب اليوم على معرفة  بحاجيات التنمية المحلية واحتياجاته الخاصة.مشيرا إلى أن ذلك ممكن أن يكون من خلال  الشركات الأهلية  وهي ركيزة هذا النظام إذ تنطلق من خلق دورة اقتصادية واجتماعية  تدعم الشباب من أجل فتح الشركات الأهلية التي تستغل بالأساس الأراضي الدولية وتنفذ المشاريع الفلاحية وخاصة تهتم بإدماج الفئات الهشة في المجتمع.      

إلى جانب النقاط التي من  أن تكون ضمن أولويات الشباب حاملي الإعاقة الحث على إسناد الميزانية للشباب لبناء مجلس محلية في إطار التنمية داخل كل معتمدية او بلدية ثم تنطلق إلى مجلس جهوية تحقق تنمية على عديد المستويات حسب الثروات المتاحة في كل جهة.

 

فاطمة غندري ناشطة في المجتمع المدني


ومن جهتها حدثتنا فاطمة شابة من ذوات الإعاقة عن رأيها حول دور الشباب الحامل للإعاقة في المشهد السياسي مستقبلا مع إرساء نظام الغرفتين وخاصة المكانة التي سيحضى بها ذوي الإعاقة في مجلس الجهات والأقاليم.

هي لم تنكر أن ذوي الإعاقة جزء من المجتمع كغيرهم من الشباب وستكون المرحلة القادمة فرصة هامة لا يمكن لجميع الفئات من الشباب سوى استغلالها لإبراز ماهم قادرين عليه  إلى جانب التمتع بالحقوق التي يضمنها الدستور والإتفاقيات الدولية في إطار المساهمة الفعلية في بناء تونس.

https://on.soundcloud.com/svYT 


رغم تباين وجهات النظر في صفوف مكونات المجتمع المدني والنشطاء السياسيين في تونس إلا ان المشهد السياسي لا يزال رهين الخطوة الأولى التي ينتظرها الجميع وهي القانون الانتخابي الذي سيمكن المهتمين بالمشهد السياسي والشأن العام من رؤية واضحة خاصة في ما يهم المشاريع التي جاء بها دستور قيس سعيد أو خلال المرحلة السياسية القادمة  وهذا يتجلى في موقف عديد الأطراف السياسية المساندة والمعارضة لتوجهات الرئيس قيس سعيد أبرزها الناشط السياسي حاتم المليكي الذي فسر بدوره اهمية المرحلة التي نمر بها بعد استفتاء 25 جويلية، وما يليها من انتظارات.


https://soundcloud.com/sarra-jalleli/hatem-lmliki-montage-1?si=fd1bd1e9173541d29b9c4c29aab60d0c&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing 


بدوره شدد على ضرورة تشريك الشباب فعليا وعدم اقتصار مشاركتهم على المناصب الصورية كما سبق وان لاحظناه في محطات انتخابية سابقة. حيث يوضح المليكي أن الشباب ان اتيحت له الفرصة بامكانه ان يكون مشاركا فعالا في مجلس الجهات والأقاليم التي نص عليها الدستور لكن في حال مشاركة الرئيس الصلاحيات مع بقية مكونات المشهد السياسي وعدم استحواذها على نصيب الأسد من الصلاحيات.

https://soundcloud.com/sarra-jalleli/hatem-lmliki-montage-2?si=62dc20506f6f4369bcf39f077b6bff60&utm_source=clipboard&utm_medium=text&utm_campaign=social_sharing 


 لايبدو أن المشروع المقترح من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد وما سينجر عنه من تقسيم جغرافي موضوع توافق ، بالرغم من أن الجميع يبحث عن الإستقرار السياسي الذي سيؤثر في ما بعد في الوضع الاقتصادي والاجتماعي لاسيما بعد ما تمر به تونس من أزمة في الفترة الأخيرة على المستوى الاقتصادي وتراجع كل مؤشرات التنمية إلى جانب تردي الوضع الاجتماعي.

                                                                                                                                                                                    سارة الجلالي                                                 

 لايبدو أن المشروع المقترح من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد وما سينجر عنه من تقسيم جغرافي موضوع توافق ، بالرغم من أن الجميع يبحث عن الإستقرار السياسي الذي سيؤثر في ما بعد في الوضع الاقتصادي والاجتماعي لاسيما بعد ما تمر به تونس من أزمة في الفترة الأخيرة على المستوى الاقتصادي وتراجع كل مؤشرات التنمية إلى جانب تردي الوضع الاجتماعي.

المعهد العربي لحقوق الإنسان

العنوان : رقم 2، شارع 9 أفريل (عبر شارع الساحل) 1009- تونس، تونس

الهاتف : 71.483.683 (216+)

Fax : (+216) 71.483.674